النحال الحلبي: رواية للكاتبة البريطانية “كريستي لفتيري”
نزار الحمود – موقع أراجيك
تبدأ رواية “النحال الحلبي” بشكل هادئ في سوريا، حيث تعيش عائلة النحال الحلبي نوري في تناغم واضح. تناغم داخلي بين أفراد الأسرة المكونة من نوري النحال وزوجته عفراء وسامي ابنهم العزيز.
وفي هذا الهدوء وهذه السكينة، لن يعكر صفو هذه الأجواء حالة عادية، بل هم بحاجة إلى حالة استثنائية، إلى قنبلة تفجر هذه الأجواء، فتجعل أكبر قطعة فيها أصغر من حلم إنسان بسيط. وهذا ما حصل! تسقط قنبلة لتفتت كل هذه الروابط وكل هذا السكون، فيموت الابن سامي، وتفقد عفراء بصرها، ويفقد نوري السكينة.
الرواية تسير بخطين زمنين: الأول في 2015 حيث تقرر العائلة المحطمة ترك حلب والتوجه إلى المملكة المتحدة، قاصدين بذلك الذهاب إلى مصطفى ابن العم، من خلال العبور بتركيا ثم اليونان. أما الخط الزمني الآخر، فيروي لنا الأحداث بعد سنة، من مدينة في المملكة المتحدة.
وفي خطابها عقب حصولها على جائزة أسبن الأدبية، والذي تم بثه عبر الإنترنت؛ نظرًا للظروف الحالية التي يعشها العالم جراء فايروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، قالت الكاتبة “كريستي لفتيري”:
الحكايات تنقل المعاناة بشكلها الفعلي، كما لا تفعل الإحصائيات ولا الأرقام. فالأرقام هي أشياء مجردة من الشعور. يثبت الأدب مرة أخرى أنه قادر على أن يقرب المسافات بين البشر، أن يعزز شعور التواجد بينهم.
لقد نجحت هذه الكتابة بأن تحاكي الواقع، نجحت بأن خطّت تفاصيل قد تكون مهملة للناظر في حياة أي لاجئ (الفقدان والخسارة،) كيف لشخص أن يقتلع عنوة من موطنه، وأن يتأقلم ليعيش ببساطة في مكان غير مكانه، وثقافة غير ثقافته، وأن يحكي بلغة غير لغته، لغة لا تشبهه.
لم تستطع “كريستي لفتيري” إلا أن تحتفظ في ذاكرتها بحكاية عفراء، تلك المرأة التي كانت تعمل في الفن إلى جانب زوجها نوري مُربي النحل في حلب إلى أن حدث ذلك الانفجار الذي قلب حياتهما تمامًا، وأفقدها بصرها وابنها؛ لتبدأ العائلة فصلًا جديدًا من المعاناة في رحلة اللجوء إلى بريطانيا.
كتبت “كريستي لفتيري” رواية “النحال الحلبي” عن الحب والأمل، ولا يخفى من خلال كل سطر فيها ما حملته الكاتبة من تجربة حقيقية عاشتها. كما تمكنت من إظهار قدرة العقل على تبديل الواقع وتمكين الإنسان من التعايش مع كل الظروف القاهرة والمستجدة في واقعه.